الخميس، 14 أغسطس 2014

كيف لم يمت يونان في بطن الحوت .. للقديس كيرلس السكندري

امر الله الحوت حين هدأت الامور بالصلوات . لان الله حين يُريد ان يصل شئ إلي ابعد حد يتم بواسطة قوة الناموس أي الامر . لاننا لا نقول أنهُ امرهُ كما بالنسبة لنا او للملائكة , أي أن إله الكل فكر في ذهنه و امر الحوت بصوتٍ عالٍ . لان هذه سذاجه عظيمه و لا نبتعد كثيراً عن الغباء أن نظن بإن إله الكل يتوجه ايضاً إلي الحيوانات بمثل هذه الطريقه , بل حين يُقال انه امر شيئاً او حيواناً غير عاقل او عناصر او جزء من الخليقة , نقول انه ناموس و امر يُريدهُ هو . لان الكل يذعن لمشيئاته و ان طريقة طاعة الكل لهي سرية تماماً , لكن هذه الطريقة معروفة لدي الله .

هكذا ابتلع الحوت يونان بدون ان يصيبه بأي أذي و بقي في داخله ثلاثة ايام و ثلاثة ليالٍ . ربما سوف يعتقد البعض ان الامر هو سخيف و ابعد من المنطق السليم . لانهم سوف لا يؤمنون , و بالحري الذين لا يعرفون بطبيعته أنه الإله الحقيقي , إذ هم ملتصقون بضلالات الشياطين . سيقولون إذاً كيف كان في استطاعته ان يُنقذ و هو كان موجوداً في بطن الحوت . و كيف لم يتحلل طالما إبتُلع ؟ او كيف تحمل الحراره الطبيعيه و الوسط المحيط من السوائل , التي في بطن الحوت , كيف عاش ؟ بل بالحري كيف , و هو الذي كان طعاماً لم يتحلل و لم يهضمه ؟ لان الجسد هو ضعيف جداً و مهئ جداً للتحلل و الفساد .

حسناً نقول انه حقاً امر غريب و بسهولة يمكن اعتبار الحدث انه ابعد من المنطق و من الامور المعتاده .  لكن ,  لو قلنا ان الإنجاز هو إنجاز الله , من يكون هذا الذي سوف يتشكك في الامر . لان الله هو كلي القدره و يغير طبائع الكائنات بسهولة كما يُريد هو , و لا يقف شئ ضد مشيئاته غير المنظوره . لان هذا الذي يفسد بطبيعته , يمكن ان ينتصر علي الفساد لو اراد الله , و الثابت و غير المتزعزع و غير الخاضع لنواميس الفساد , سوف يخضع بسهولة للفساد . لان طبيعة الكائنات تصير طبقاً لإرادة الخالق .

علاوة علي ذلك ليتنا نعرف الاتي , اليونانيون الذين صنعوا بأنفسهم اساطيرهم يقولون ان هيراكليس ابن دياس و الكمينيس قد ابتلعه حوت لكنه هرب من حرارة الحوت الداخلية برأسه الصلعاء و شعره فقط هو الذي سقط . ذكر هذا الحدث ليكروفون الذي هو واحد من خطبائهم و الذي قال عن هذا الامر ( اسود اليالي الثلاثة , التي انت علي حدود , ترتيوناس ابتلعت كلب البحر )

لكننا لا نؤكد الامور الالهيه من اساطير اولئك , لكن نذكر امور مفيده لاولئك الذين لا يؤمنون , و ان تاريخ هؤلاء لا يرفض هذه الروايات . لكن لانني اري من الحتمي انه يجب ان اتوافق مع الامر الغريب و الامور التي تصير ايضاً الان وفق إرادة الله , فلنمض و نقول هذا الامر , فداخل الرحم يعوم الجنين في السوائل , لكن كأنه مدفون في البطن التي تحمل به و لا يمكنه ان يتنفس , و يحيا ايضاً في هذه الحالة و لديه طعامه بطريقة عجيبه وفق إرادة الله . لكن اي شرح منطقي لا يستطيع ان يُعطيَّ ولا ممكن لامور الله ان تُدرك بالعقل , لانه وفق المكتوب : ( من عرف فكر الرب ؟ ... رو 11 : 34 ) او من يستطيع ان يعرف طرق الغرائب فالعقل لا يستطيع ان يتخطي الامور التي تفوق المنطق ؟ بالتالي عدم الايمان هو بالنسبة لنا امر غير لائق , فلو فعل الله شيئاً من الاشياء التي هي ابعد كثيراً من قوة المنطق , علينا ان نقبله و نسلم به تاركين الجدل المتطرف .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسير سفر يونان النبي . للقديس كيرلس السكندري . ترجمه عن اليونانيه د . جورج عوض ابراهيم . مراجعة د . نصحي عبد الشهيد . نصوص ابائيه 156 . ص 25 : 27

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق