الخميس، 14 أغسطس 2014

لماذا يخلق الله الانسان الشرير و هو يعلم ان نهايته الجحيم ؟

ان كان الله قد رأي حدث فهو قد رأي حدث حادث بالفعل لان الله ليس عنده زمن و الكل حاضر امامه فكيف لا يخلق الله انسان هو موجود بالفعل و رأه يفعل الشر ..بمقتضى علم الله السابق" (1بطرس 2:1)

الانسان يُخطئ بإرادته الحره . فعلم الله شئ , و ان يرسم الله الطريق لشخص ان يسير فيه ( القدر ) شئ اخر .. فالله قد رآي ما حياتي امامه و ما سأفعله بإرادتي الحره نتيجة قدرته اللامحدوده في المعرفه و انه فوق الزمان و كل شئ ظاهر امامه .. لكنه لم يرسم لي ان افعل هذا الامر .

الله يستخدم حتي شرور الانسان لمجد اسمه و تعضيد المؤمنين و تعيزتهم و ايضاً تزكية الايمان بالاختبار و تأديب الانسان كما يقول الرب ( أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا. إن تعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم ) ( 2صم 7 : 14 )

الله لا ييأس من البشر و من الاشرار و لا ينزع عنهم رحمته و يظل الله معهم بالتأديب و بالمراحم و بكل طرق الله التي تفوق ادراك البشر بحسب حالة و قدرات كل شخص حتي يعود اليه (إذا قلت للشرير موتًا تموت. فإن رجع عن خطيته وعمل بالعدل والحق فإنه حياة يحيا، لا يموت) (خر 33: 14 16) (تارة أتكلم عن أمة بالقلع والهدم والإهلاك، فترجع تلك الأمة التي تكلمت عليها عن شرها، فأندم على الشر الذي قصدت أن أصنعه بها) (إر 18: 7، 8)

ان الجحيم ليست مكاناً يوضع فيه البشر و يحترقون بنار ماديه .. بل الجحيم هي مكان بعيد عن الله مصدر الحياة و الحب و الفرح .. فمن عاش بعيداً عن الله في هذه الحياه كيف يعيش معه في الحياة الاخري .. سيكون الشرير في المكان الذي اختاره بعيداً عن الله

يقول القديس اغسطينوس : [ لم لا يخلق الله الانسان وان سبق ان علم بخطيئته مادام سوف يكافئه ان استقام خلقه ، ويعيده الي الصواب ان عثر ، ويساعده ان نهض ،وهو الممجد في كل مكان وزمان بصلاحه وعدله ورافته ؟
لقد خلقه لانه كان يعلم مسبقا بأن قديسين سيأتون ويولدون من سلالته الصائرة الي الموت مصممين علي تمجيد خالقهم من دون انفسهم . واذ يعبدونه ويتحررون من كل فساد يستحقون ان يحيوا مع الملائكة في سعادة خالدة .
خلق الله الناس احرار ، يعبدونه احرارا، بعيدين عن كل حتمية واستعباد "
] (1)

يقول القديس يوستينوس : [ و عندما خلق الله الانسان في البدء و هبه قوة الفهم و اختيار الحق و عمل الصواب و لذلك فإن كل الناس بلا عذر امام الله لانهم ولدوا قادرين علي التفكير و التأمل . و ان كان احد لا يؤمن بهذه الامور فكأنه يقول إما ان الله غير موجود , او انه موجود و لكنه يسعد بالشر او انه مثل الحجر لا يتأثر ](2)


و يقول القديس يوحنا الدمشقي : [ اعلم ان الله يسبق و يعلم كل شئ و انه لا يسبق و يحدد كل شئ . فهو يسبق و يعرف ما هو في استطاعتنا و لكنه لا يسبق فيحدده , فهو لا يشاء حدوث الشر و لا يقتسر الفضيلة , حتي ان سابق التحديد يكون تلبية امر سبق الله و عرفه . و انه تعالي يسبق و يحدد الامور التي ليست في استطاعتنا . فإن الله , نظرا لمعرفته السابقة , يحدد للحال كل شئ بحسب صلاحه و عدله .
و اعلم ان الفضيلة قد زرعت في طبيعتنا من قبل الله الذي هو نفسه بدء كل صلاح و علته و بدون مساعدته و نجدته لا يمكننا ان نريد الصلاح او ان نعمله . و ان في استطاعتنا إما ان نستمر في الفضيلة و ان نتبع الله الذي يدعونا اليها , و اما ان ننحرف عن الفضيلة - و هذا يعني ان نصير في الرزيلة - و نتبع الشيطان الذي يدعونا اليها بدون اغتصاب .
](3)



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - تعليم المبتدئين اصول الدين . ترجمة الخور اسقف يوحنا الحلو . ص 57
2 - القديس يوستينوس الفيلسوف و الشهيد . اصدار دار بناريون الدفاع الاول فصل 28 ص 57
3 - المائة مقالة في الايمان الارثوذكسي . ص 143

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق