الخميس، 14 أغسطس 2014

المعموديه المسيحيه عند اباء الكنيسه

بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ
إِلَهٌ وَاحِدٌ
+آمِينَ+

فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
مت 28 : 19

يحتوي هذا البحث المصغر علي :1 - شرح الاباء للمعمودية من القرون الاولي
2 - لماذا المياه
3 - ماذا عن الاطفال الذين يرقدون قبل العماد
4 - من يحق له ان يعمد

سأذكر كيف نكرس نفوسنا لله بعد التجدد بالمسيح خشية الظهور بمظهر التحيز اذا اغفلنا ذلك . يجمع الذين يقتنعون و يعتقدون ان ما نعلمه و نقوله هو الحق و يأخذون التعهد علي انفسهم السلوك بموجب ذلك و يعلمون كيف يصلون و يبتهلون الي الله صائمين لمغفرة خطاياهم السابقة و نحن نصل و نصوم معهم , ثم ناخذهم الي مكان فيه ماء و نجددهم بالطريقة نفسها التي تجددنا بها , اذ انهم ينالون الغسل بالماء باسم الله الآب سيد الكون باسم مخلصنا يسوع المسيح و باسم الروح القدس ... ان هذا الغسل يدعي استنارة , لان الذين يقبلون هذا التعليم تكون ارواحهم مستنيرة , لانه باسم الاب و يسوع المسيح الذي صلب ايام بيلاطس بنطس , و الروح القدس الذي نطق في الانبياء بكل تاريخ يسوع , يغتسل المستنير .
القديس يوستينوس (1)


ثم نقتادهم إلى المكان حيث يوجد الماء. وهناك يتجدَّدون بنفس الطريقة التى تجدِّدنا نحن بها، فيغتسلون في الماء باسم اللَّه الآب سيِّد كل الأشياء ويسوع المسيح مخلِّصنا والروح القدس. لأن المسيح قال: "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت اللَّه" (يو 3: 3).بديهى لا يستطيع الإنسان "أن يدخل بطن أمُّه ثانية ويولد" (يو 3: 4). ويعلِّمنا إشعياء النبي كيف تُمحى خطايا الخطاة التائبين. يقول: "اغتسلوا تنقُّوا اِعزلوا شرّ أفعالكم من أمام عينيّ، كفُّوا عن فعل الشرّ، تعلَّموا فعل الخير. اطلبوا الحق، انصفوا المظلوم، اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة". "هلمَّ نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كان حمراء كالدودي تصير كالصوف. إن شئتم وسمعتم تأكلوا خير الأرض. وإن أبيتم وتمرَّدتم تؤكلون بالسيف لأن فم الرب تكلَّم" (إش 1: 16-20).
وإليكم التعليم الذي سلَّمه لنا في هذا الموضوع:

في ميلادنا الأول نولد جهلاء وبحسب قانون الضرورة من اجتماع والدينا؛ ونأتي إلى العالم بعبادات رديئة وميول شرِّيرة. فلكي لا نبقى هكذا أولاداً للضرورة والجهل، بل نصير أولاداً للاختيار والمعرفة، ولكي ننال مغفرة خطايانا السالفة، يذكرون اسم اللَّه الآب سيِّد الكون على من يريد أن يتجدَّد في الماء ويندم على خطاياه. وهذه التسمية وحدها هي بالضبط ما ينطق بها الكاهن الذي يقتاد إلى الحميم مَن يلزمه أن يغتسل.
فهل يمكن أن نعطي للَّه غير المنطوق به اسمًا؟ إن هذا الغسيل يدعى استنارة، لأن الذين يقبلون هذا التعليم تكون أرواحهم مستنيرة؛ لأنه باسم الآب ويسوع المسيح الذي صلب أيام بيلاطس بنطس، والروح القدس الذي نطق في الأنبياء بكل تاريخ يسوع، يغتسل المستنير.
القديس يوستينوس (2)


بعد هذه الأشياء اُقتُديتم للبِركَة (الجرن) المقدسة للعماد الإلهي، كما حُمل المسيح من الصليب إلى القبر الذي هو أمام عيونكم. لقد سُئل كلمنكم هل يؤمن باسم الآب والابن والروح القدس وتممتم هذا الاعتراف الخلاصي. ونزلتم ثلاث مرات في الماء، وصعدتم ثانيًا. هنا أيضًا تشيرون برمز للثلاثة أيام التي دفن فيها المسيح. لأنه كما قضى مخلصنا ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ في قلب الأرض، هكذا أنتم أيضًا في أول صعودكم تقتدون اليوم بالمسيح في الأرض.
بنزولكم تمثلون الليل، لأنه كما في الليل لا يرى الإنسان مطلقًا، لكن من في النهار يبقى في النور؛ لم تروا شيئًا. وهكذا كما في النزول كما في الليل لم تروا شيئًا. لكن في الصعود ثانية كنتم كمن بالنهار. وفي نفس اللحظة كنتم تموتون وتولدون، وأن مياه الخلاص كانت قبركم وأمكم في وقت واحد.

القديس كيرلس الاورشليمي (3)


لما اعتمدتم و لبستم صورة المسيح صرتم مشابهين صورة ابن الله ( رو 8 : 29 ) , لان الله اذ سبق و عيننا للتبني , جعلنا مشابهين صورة جسد مجد المسيح ( في 3 : 21 )
و انتم صرتم شركاء المسيح ( عب 3 : 14 ) و لذلك دعيتم بحق مسحاء . فان الله يقول عنكم لا تمسوا مسحائي ( مز 104 : 15 ) لقد صرتم مسحاء لانكم قبلتم رسم الروح القدس , و كل شئ قد تم فيكم علي صورة ما حدث للمسيح لانكم صرتم صورا للمسيح اما هو فلما اغتسل في نهر الاردن , و وهب الميه رائحة لاهوته , صعد منها و ظهر الروح القدس حالا عليه بجوهره , اذ ان المثيل يستريح علي المثيل . و انتم ايضا بشبه ذلك لما صعدتم من جرن الماء المقدس قد نلتم مسحة هي صورة لتلك التي مسح بها المسيح , و هذا هو الروح القدس

القديس كيرلس الاورشليمي (4)

انا ايضا صورة الله . فقد لبست المسيح , و تحولت الي شكل المسيح بالمعمودية
القديس غريغوريوس النيزينزي (5)


و الان لنأتي الي كلمة ( الميلاد من فوق ) انا اري انها تعني بوضوح اصلاح الميلاد الاول الذي تم تحت اثم و دنس الخطايا . اذ يقول ايوب : ( ليس احد خال من دنس و لو كانت حياته يوما واحدا علي الارض ) ( اي 14 : 4 س ) , و داود النبي يقول في مرثاته : ( بالاثم حبل بي و بالخطايا ولدتني امي ) ( مز 50 : 7 س ) . و الرسول ايضا يقول : ( الجميع اخطأوا و اعوزهم مجد الله , متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح . الذي قدمه كفارة بالايمان بدمه ) ( رو 3 : 23 - 25 ) . من اجل ذلك سامحنا عن خطايانا
.....
تخيل لو ان تمثالا للملك تهشم و صار قطع صغيرة , و لم يعد احد يستطيع بعد ان يري او يميز صورة هذا الملك العظيم . هنا يستطيع الصانع الحكيم و العامل الماهر ان يستعيد جمال عمله و يقوم بترميمه كي يعود الي مجده السابق . هكذا كنا نحن بعد الصيان و السقوط في الخطية كما هو مكتوب : ( الانسان في كرامة لا يبيت يشبه البهائم التي تباد ) ( مز 49 : 12 ) . و بهذا استعاد الانسان المجد الاول لخلقته علي صورة الله , اذ يقول الكتاب : ( خلق الله الانسان علي صورته و مثاله ) ( تك 1 : 27 س )

القديس باسيليوس الكبير (6)


فلا يظن أحد أن العماد لنعمة مغفرة الخطايا فقط أو بالأحرى للتبني. فعماد يوحنا كان يهب مغفرة الخطايا، أما نحن كما نعلم تمام العلم أن العماد كما يطهر خطايانا ويُقدم لنا موهبة الروح القدس، فهو أيضًا يحمل مشاركة في آلام المسيح. لهذا السبب يصرخ بولس عاليًا: "أم تجهلون إنما كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدفنا معه بالمعمودية للموت" (رو 6: 3). هذه الكلمات قيلت لبعض الذين فكروا أن العماد يخدمنا لمغفرة الخطايا وللتبني فقط وليس للشركة والامتثال بآلام المسيح الحقيقية.

القديس كيرلس الاورشليمي (7)


لماذا اختار الماء للعماد؟
إن أراد أحد أن يعرف سبب إعطاء النعمة بواسطة الماء دون سواه، فليتعلم هذا من الكتاب المقدس. الماء شيء عظيم، وهو ألطف العناصر المنظورة التي يتكون منها العالم... فقبل الأيام الست التي فيها تكونت الأشياء كان "روح الله يرف على وجه المياه" (تك 1: 2). الماء هو بدء العالم، كما أن الأردن هو بداية بشارة الإنجيل.
خلاص إسرائيل [5]من فرعون كان خلال البحر، وخلاص العالم من الخطيئة يتم بغسل الماء بكلمة الله (أف 5: 26). وحيث يقطع عهد يكون الماء أيضًا. فبعد الطوفان قطع عهد مع نوح، ومن جبل سيناء كان هناك عهد بماء وصوفًا قرمزيًا وزوفا (عب 9: 19)...
إيليا صعد بوجود الماء، إذ عبر أولاً على الأردن وبعد ذلك ارتفع في مركبة إلى السماء.
رئيس الكهنة كان يلزمه أن يغتسل قبل أن يقدم بخورًا، إذ اغتسل هارون وبعد ذلك صار رئيس كهنة، لأنه كيف يقدر أن يصلي عن الآخرين من لم يتطهر بالماء؟!
كذلك كانت توجد مرحضة في خيمة الاجتماع تشير إلى المعمودية.

القديس كيرلس الاورشليمي (8)


و هنا ان جائني من يعترض ثانية باثارة المشاكل بأسئلته و شكوكه سائلا و فاحصا باصرار عن كيف يمكن للماء و العمل السرائري الذي فيه ان يعطي الميلاد و التجديد , فاني لا املك اجابة اقولها له سوي ارني الطريقة التي يولد بها الانسان حسب الجسد و انا اشرح لك قوة الميلاد الجديد للنفس . و قد تقول في سبيل ايضاح هذا الامر ان الانسان يولد من زرع البشر , و لكن كيف يجب ان تعرف ان الماء المقدس يطهر و ينير الانسان . و اذا عارضتني مرة اخري سائلا كيف ؟ فستكون اجابتي و بكل شدة : (( كيف يمكن للمادة السائلة التي لا شكل لها ان تصبح انسانا ؟ )) و هكذا نستطيع ان نستخدم نفس السؤال عن كل ما في الخليقة اذا ما طال الجدل ( كيف وجدت السماء و الارض و البحر و باقي الاشياء ؟ . فعندما يعجز فكر الانسان عن الفهم يبدأ في كلمة كيف - كما يلجأ من يعجز عن المشي الي الكرسي ليجلس .
و للايجاز , يجب ان نقول ان سلطان الله و اعماله غير مدركة و لا يمكن وضعها في اطار القواعد المعروفة , فهو يعمل ما يشاء خافيا عنا دقائق الامور في عمله . لاجل ذلك عندما تأمل داود بفكره روعة الخليقة , و امتلات نفسه من الاندهاش و الاعجاب , تكلم بالاية التي يرتلها الجيع : (( ما اعظم اعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت )) ( مز 104 : 24 ) فقد ادرك المرتل عظمة حكمة الله و ان لم يستطع ان يفهمها .

القديس غريغوريوس النيصي (9)


هكذا نحن آمنا من خلال معمودية التوبة ومعرفة الله الموضوعة من أجل شعب الله كما يشهد أشعياء، ونحن نعلم أن هذه المعمودية عينها التي أعلنها والتي وحدها تطهر التائبين هي ماء الحياة إن الآبار التي حفرتموها لأنفسكم آبار مشققة ولا فائدة منها. فما قيمة تلك المعمودية التي تطهر الجسد فقط؟ اغسلوا نفوسكم من الغضب والطمع والغيرة والكراهية فيصير
الجسد كله طاهرًا. وهذا هو المعنى الرمزى للخبز الذي بغير خمير أنكم لا تصنعوا الأعمال العتيقة التي للخمير الفاسد. أنتم تفهمون كل شيء بشكل جسدانى وتعتبرون أنفسكم أتقياًء إذا عملتم هذه الأعمال حتى إن امتلأت نفوسكم بالغش وكل نوع من أنواع الخطية. وقد أمركم الله بعد أن تأكلوا الخبز الذي بغير خمير لمدة سبعة أيام أن تعدوا خميرة جديدة لأنفسكم، أى أن تعلموا أعمالاً أخرى ولا تكرروا أعمال الخطية القديمة.

القديس يوستينوس الفيلسوف و الشهيد (10)


لذلك يا احبائي , لتكن لنا المياه المقدسة علامة و نعمة علي ايماننا بالرب الذي دعانا الي نعمة المعمودية بالماء و الروح و اعطانا علامة التطهير في اسم الروح القدس , ميه الحياة التي وعدنا بها
«كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا.
14 وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».

يو 4 : 13 - 14
نطلب مع كل استخدام للمياه ان ننال التطهير و الشفاء من الروح القدس المعزي الرب المحيي المشتاق لان يعطي لنا الغفران و الحياة
بالثالوث القدوس نحيا : نأخذ الوجود من الآب , و التبني من الابن , و الحياة من الروح القدس . عمل واحد , و نعمة واحدة , و شركة واحدة من الآب الاصل و الينبوع , بالابن المعلن لنا النعمة في الروح القدس , مياه الينبوع التي بها نولد , و منها نشرب . لان اجسادنا تغتسل بمياه المعمودية و تتقدس مع ارواحنا . بمسح الله اجسادنا من الخارج بالمسحة الالهية , لكي يسكن فينا روح الآب بالابن واهبا لنا حياة جديدة

الاب صفرونيوس (11)


في الاطفال الذين يرقدون قبل العماد

يذكر البشيرين لنا حادثة مهمة و هي مجئ الاطفال الي الرب . و هذا ما سجلته لنا الاناجيل :

أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ».
مت 19 : 14

أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَاهُمْ وَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ.
17 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ».

لو 18 : 16 - 17

وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَدًا لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ.
14 فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ.

15 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ».
16 فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.

مر 10 : 13 - 16

**
و يعلق الاباء علي هذه النصوص قائلين :

حقًا ذهن الطفل نقي من آلام الخطية، لهذا يليق بنا أن نمارس بكامل حريتنا ما يفعله الأطفال بالطبيعة.

القديس يوحنا الذهبي الفم (12)

لم يقل "لهؤلاء"، بل قال: "لمثل هؤلاء ملكوت الله"، أي للذين لهم في نيتهم كما في تصرفاتهم ما للأطفال بالطبيعة من بساطة وعدم الأذية. فالطفل لا يبغض، ولا يحمل نية شريرة، حتى إن ضربته والدته لا يعتزل عنها، وأن ألبسته ثيابًا رخيصة يراها أفضل من الثوب الملكي، هكذا من يسلك في طرق الكنيسة أمه الصالحة، لا يكرم شيئًا أكثر منها، حتى ملذاته بكونها ملكة الكل، لذلك يقول الرب: "من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله"

الأب ثيؤفلاكتيوس بطريرك بلغاريا(13)

القديس يوحنا الذهبي الفم (14) : هذه هي حدود الحكمة الحقيقيّة: أن تكون بسيطًا بفهم. هذه هي الحياة الملائكيّة، نعم لأن نفس الطفل الصغير نقيّة من كل الشهوات


و يقول الراهب اثناسيوس المقاري : (15)
وضعت الكنيسة لمعمودية الراشدين شرط الايمان اولا لجواز معموديتهم . و يحسب ايمان الاطفال المنتمين للكنيسة علي ايمان ابائهم , الذين سبقوا و اعلنوا ايمانهم و يرغبون الآن الا يحرم اولادهم من ثمرة ايمانهم الذي سبق ان اعلنوه .
يفهم كل اباء الكنيسة الشرقية في الشرق المسيحي هذه الوراثة علي انها وراثة للموت و الفساد اكثر من كونها وراثة للذنب . فالذنب - في مفهومهم - هو نتيجة فعل شخصي , يرتكبه الشخص بكامل حريته . و هو ما يسير جنبا الي جنب مع رؤيتهم للخلاص علي انه نصرة للحياة علي الموت , اكثر منه كفارة قانونية للخطية , فالخوف من الموت هو الوجه الاخر للافتخار بالحياة .



يقول القديس غريغوريوس الشهير بالثيئولوغوس : ( 16)
ان الاطفال غير المعمدين لا يمجدون و لا يعذبون من الحاكم ( الديان ) العادل الابدي , لانهم و ان كانوا غير مستنيرين و غير مقدسين بالمعمودية , لم يخطأوا خطيئة شخصية , و لهذا لا يستحقون كرامة و لا قصاصا


و يعلق الانبا اغريغوريوس قائلا : (17)
اما مصير الطفل اذا مات بغير عماد فتعليمنا الارثوذكسي ( ان الاطفال غير المعمدين اذا ماتوا بغير عماد لا يمجدون و لا يتعذبون ) . انما سيكونون في حالة متوسطة . نقول في حالة متوسيطة , لا في مكان وسيط , فليس في المصير بعد الموت الا مقر للارواح السعيدة و مقر اخر للارواح غير السعيدة
فمقر الاطفال غير المعمدين لعله الذي ذهبت اليه ارواح القديسيين قبل مجئ المسيح , من امثال ابراهيم و اسحق و يعقوب و موسي و صموئيل و داود و غيرهم . لككنهم لا يعذبون فيه و لا ينالون مجد المعمدين .


و في احد الليتورجيات اللاتينية نجد طقس الصلاة علي الاطفال المسيحيين الغير معمدين كألاتي : (18)
"الصلاة على المتوفى"
ملاحظة: في حالة وفاة طفل غير معمد، يجوز للكاهن أن يتلو عليه صلوات البيت كما في الرقم 1 – 3، وصلاة المؤمنين كما في الرقم 43، وإذا كانت وفاة الطفل بدون معمودية، بلا ذنب من الأهل، يجوز للكاهن بعد استئذان الأسقف أن يقوم بكل مراسيم الدفن العادية.

"صلاة من أجل ذوي المتوفى"
إن لم يكن معمداً: اللهم فاحص القلوب ومنبع اللطف والتعزية / يا عالما بإيمان هؤلاء المؤمنين الذين يبكون طفلهم وقد فارق الحياة، نرجوك، أن تشفق على هذا الميت وتجعله يشعر بمفعول رحمتك الإلهية. بالمسيح ربنا.



اخيرا : فيمن يحق له العماد :


انهت الدسقولية كأقدم المراجع المسيحية هذا النقاش وذلك عندما جاء فيها : (19)
و لاجل المعمودية , ايها الاسقف او القسيس فد امرناكم من الدبء و نقول لكم ......

و في موضع اخر : (20)
بل و لا نأمر ايضا ان علمانيا يعمل شيئا من اعمال الذين نالوا الكهنوت - لا قربان و لا تعميد و لا وضع يد و لا بركة سواء كانت كبيرة او صغيرة . لان احد لا يقبل الكرامة لذاته بل يدعي من الله
و لم نأمر بقية الاكليروس ان يعمدوا - لا اغنستس و لا مرتل و لا بواب و لا خادم , الا الاساقفة وحدهم و القسوس و تخدمهم في هذا الشمامسة



وَ لإِلهَنَا كُلُّ مَجْدٍ وَكَرَامَةٍ إِلَى الأَبَدِ
+آمِينَ+

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
1-القديس يوستينوس الفيلسوف و الشهيد . دار بناريون . نهاية الدفاع الاول . ص 20 م
الفصل الحادي و الستون . ص 87

2 - نص دفاع القديس يوستينوس . اعداد القمص تادرس يعقوب ملطي . الباب الثالث : طقوس الكنيسة في العصور الاولي . الفصل الثالث . العماد

3 - مقالات عن الاسرار . المقال العشرون

4 - اقوال مضيئة لاباء الكنيسة . ص 114

5 - مع المسيح في المعمودية . اقوال مضيئة لاباء الكنيسة . ص 112

6 - المعمودية المقدسة . مؤسسة القديس باسيليوس . ص 42

7 - مقالات عن الاسرار . المقال العشرون

8 - مقالات لطالبي العماد . المقال الثالث

9 - سر المعمودية و مياه التجديد . اسرة القديس ديديموس الضرير للدراسات الكنسية . ص 21 . 22

10 - الحوار مع تريفو . الفصل الرابع عشر

11 - معمودية الرب يسوع في الاردن . من رسائل الاب صفرونيوس القصيرة . ترجمة عن القبطية لعام 1981 م . د . جورج حبيب

12 - من تفاسير و تأملات الاباء الاولين للقمص تادرس يعقوب ملطي .. انجيل مرقس الاصحاح العاشر

13 - نفس المرجع السابق

14 - In Matt. hom 62:4

15 - معمودية الماء و الروح . الفصل السابع . الراهب اثناسيوس المقاري

16 - موسوعة المتنيح الانبا اغريغوريوس . اللاهوت العقيدي الجزء الثالث ص 60

17 - موسوعة المتنيح الانبا اغريغوريوس . اللاهوت العقيدي الجزء الثالث ص 106

18 - (قامت بنقل رتبة دفن الموتى من الأصل اللاتيني إلى اللغة العربية وبإعدادها للطبع اللجنة البطريركية لليتورجيا في القدس. القدس في 15 حزيران 1971)

19 - الدسقولية تعاليم الرسل . د / وليم سليم قلادة ص 778

20 - الدسقولية تعاليم الرسل . د / وليم سليم قلادة ص 571 , 572

** في الاطفال الذين يرقدون قبل العماد راجع ايضا انجيل القديس متي الاصحاح الثامن عشر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق